فصل: توبيخ اليهود والنصارى على إنكار كل فئة للأخرى:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (نسخة منقحة مرتبة مفهرسة)



.بشارة الإنجيل ببعثة محمد عليه السلام وتكذيب الله للنصارى واليهود:

الفتوى رقم (11419):
س: قد أرسل صاحبي إلي نشرة أرسل إليكم نسخة منها، أرجو الإجابة على ما يلي:
يقول المبشر المذكور: القرآن يشير بكل صراحة إلى الإنجيل والنصارى، القرآن يذكر أن الإنجيل فيه الهداية والنور (5/ 46) (المائدة)، القرآن يقول إن الإنجيل هداية للبشرية جمعاء (3/ 34) (آل عمران)، القرآن يقول: إن اليهود والنصارى يقرءون الكتب السماوية (2/ 113) (البقرة)، ويقول القرآن: إن النصارى يقضى لهم بموجب الإنجيل (5/ 47) (المائدة)، إذا كان محمد لديه شك حول القرآن، فالقرآن يقول: إنه ينبغي له أن يرجع إلى أهل الكتاب (اليهود والنصارى) (10/ 95) (يونس)، لم يذكر القرآن قط أن الإنجيل حرف أو أنه غير جدير بالثقة فيه، لو كان الإنجيل محرفا كما يزعم كثير من المسلمين لما قال القرآن: إن النصارى أهل الكتاب وإنهم يقرءون الكتاب السماوي ولو كان الإنجيل محرفا أو مرفوعا إلى السماء كما يقول كثير من المسلمين لما نصح القرآن وأشار على النصارى بأن يحكموا الإنجيل؛ لأنه لا يعقل أن يشير القرآن على النصارى بتحكيم إنجيل حرف أو إنجيل رفع إلى السماء، لو كان كتاب أهل الكتاب محرفا لما أشار القرآن على محمد أن يرجع إلى أهل الكتاب، وهل كان محمد في شك من القرآن؟
ج: القرآن يشير بكل صراحة إلى الإنجيل والنصارى، ويذكر أن الإنجيل فيه الهداية والنور (5/ 46) وأنه هداية للبشرية جمعاء (3/ 34)؟
ذكر الله تعالى الإنجيل في القرآن وأمر أهله أن يحكموا بما أنزل الله فيه ومما أنزل الله فيه البشارة ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم ووجوب الإيمان به، بل أخذ الله الميثاق على كل نبي أن يؤمن بكل رسول أرسله الله تعالى بعده، فوجب على عيسى عليه السلام وأمته أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم حين مبعثه وبما جاء به؛ لعموم رسالته، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 48].
فأخبر سبحانه أنه أنزل القرآن مصدقا لما قبله من الكتب السماوية مهيمنا عليها يثبت منها ما شاء الله إثباته وينسخ منها ما شاء سبحانه، وأثنى سبحانه على من آمن به من أهل الكتاب- اليهود والنصارى- وذم منهم من لم يؤمن به، ونقض ما أخذ عليه من العهد والميثاق وفسق عن أمر ربه، قال الله تعالى: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [آل عمران: 110- 111] إلى أن قال سبحانه: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 113- 115] وقال تعالى: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 82- 85].
وقال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] إلى أن قال: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] إلى غير ذلك من الآيات التي نزلت في الثناء على من آمن منهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وذم من كفر به.
ثم الإنجيل الذي أنزله الله تعالى على عيسى عليه الصلاة والسلام هو الذي بشر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فلم يؤمنوا برسالته، ومع ذلك احتججتم بالقرآن الذي أنزله الله عليه، وآمنتم بصلب اليهود عيسى ابن مريم وقتلهم إياه، وزعمتم أن ذلك في الإنجيل فكذبكم الله كما كذب اليهود في ذلك بقوله سبحانه في محكم كتابه: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157] وزعمتم أن المسيح عيسى ابن مريم ابن الله، تعالى الله أن يكون له ولد فكذبكم في ذلك، بل كفركم بقوله سبحانه: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17] الآية، وزعمتم أنه إله مع الله فكفركم سبحانه في ذلك بقوله: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيم} [المائدة: 73] الآيات، وزعمتم أن الخنزير حلال أكله وتعبدتم بالرهبانية وكل ذلك ليس في الإنجيل، بل هو دين لم يأذن به الله ولا شرعه، فبعد هذا وأمثاله من افترائكم تدعون أن الإنجيل لم يحرف ولم تخفوا منه شيئا ولم تزيدوا فيه شيئا، ثم بعد تحاولون أن تحتجوا بالقرآن لإثبات مزاعمكم وبدعكم فتتبعون ما تشابه من القرآن وتتركون محكمه ابتغاء الفتنة وليا بألسنتكم وطعنا في الدين قال الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [المائدة: 15] الآيات إلى آخر آية: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ} [المائدة: 19] وقال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171] إلى قوله سبحانه: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ} [النساء: 172] الآية فإن لم تفعلوا كنتم ممن قال الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [النساء: 150- 151].
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان

.توبيخ اليهود والنصارى على إنكار كل فئة للأخرى:

س2 القرآن يقول إن اليهود والنصارى يقرءون الكتب السماوية (2/ 113)؟
ج2 يشير بذلك إلى قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [البقرة: 113].
وبخ الله تعالى في هذه الآية كلا من الفريقين اليهود والنصارى على إنكاره على الآخر ما بيده تصديقه عنادا منهم وبغيا وعدوانا، فوبخ اليهود على كفرهم برسالة عيسى عليه السلام وما جاء به من التشريع وهم يتلون الكتاب: أي التوراة، وفيها ما أخذ الله عليهم من الميثاق أن يؤمنوا به، وبما جاء به من تشريع الله. ووبخ النصارى على كفرهم بموسى عليه السلام وهم يتلون الكتاب: أي الإنجيل، وفيه تصديق ما بين يديه من التوراة التي جاء بها موسى إلا قليلا مما أمره الله أن يحله لهم، وليس معنى ذلك تقرير ما طرأ على التوراة والإنجيل من التحريف، ولا ما أخفاه كل من اليهود والنصارى من كتاب نبيه، بدليل ذكره سبحانه ما جناه كل منهما على كتاب نبيه في آيات أخرى من القرآن الذي يحتجون بما تشابه منه على مزاعمهم تمويها وتلبيسا على الناس، بل يجب ضم سائر المآخذ التي أخذت عليهم بعضها إلى بعض من تحريف بعض النصوص وإخفاء بعضها والإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض آخر منه، فإن أصل الكتابين من عند الله كما أن القرآن نزل من عند الله وكل منها يصدق بعضه بعضا، وكل الأنبياء يبشر سابقهم بلاحقهم ويصدق لاحقهم السابق منهم، فيجب الإيمان بهم جميعا وبجميع ما جاءوا به من عند الله تعالى، فمن آمن ببعض ذلك وكفر ببعض فهو كافر بالجميع وإليك ما يؤيد ما تقدم من آيات القرآن، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 150- 152] وهذه الآيات عامة يدخل فيها اليهود والنصارى وغيرهم، قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِين يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15- 16] الآيات، إلى قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ} [المائدة: 20] وهذه الآيات عامة في اليهود والنصارى، وقال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] الآيات، إلى قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان، وهذه الآيات عامة في اليهود والنصارى أيضا، وقال تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 75] وهذه الآيات وكثير مما بعدها وما قبلها نزلت في بيان فضائح اليهود، كما نزل فيهم قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} [الأنعام: 91] ولها نظائر في النصارى، كإخفائهم البشارة برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وقال تعالى في إنكاره على النصارى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17] الآيات، إلى قوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [المائدة: 78] وقال تعالى في اليهود والنصارى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 4] الآيتين إلى قوله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: 6] أفبعد هذا يصح أن يقال إن القرآن أثنى على اليهود أو النصارى الذين لم يؤمنوا به بعد نزوله أو أنه أثنى على ما لعب به اليهود من التوراة أو على ما حرف من الإنجيل أو زيد فيه كبنوة عيسى لله أو إلهيته مع الله، أو صلب اليهود إياه أو قتلهم له أو كتمان وإخفاء صفة محمد ورسالته، إن لم يكن ما ذكر تحريفا وكتمانا وزيادة ونقصا فماذا يسمى فعل كل من الفريقين بكتاب نبيه.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة: عبدالرزاق عفيفي
عضو: عبدالله بن غديان